الخميس، 5 أبريل 2012

وداعاً ياسر كل الاسرار



,,,, الجمعة ,,,,

 
صلينا هو وانا
علي الاسفلت لأننا اتينا متأخرين للمسجد
بعد السلام من صلاة الجمعة
تجاذبنا اطراف الحديث 
انا شددت الطرف اكثر وكان لي اسبابي
فأنقطع عند باب الملحمة
(الجزارة)
بعد الغداء تحدثنا كثيرا كثيرا جدا عن اشياء كثر 
السياسة والانتفاضات العربية الثقافة بأنواعها المحلية والعربية والعالمية 
والبلد والناس والعقاب وشيء يخصه يحلم به كثيرا ويتمني ان يتحقق 
ضحكنا كثيرا بل ضحك هو كما لم يضحك من قبل 
وافترقنا

,,,, السبت ,,,,
 
امقت هذا اليوم كثيرا
منذ ايام الدراسة واذهب الي العمل متثاقلا ومكرها
انا : الو ,,,, وينك
رد ,,, في الدوام ,,,,, اسمع قالها من اعماقه 
رأيك شنو فيما قلته لك البارحة 
اخبرته بانها خطوة جميلة ومباركة(اتوكل علي الله)
قالها ضاحكا ,,, يعني (اخش)
طيب ماشي 
سأخبرك بالتفاصيل ليلا قال ذلك واقفل الخط بعد الوداع
 
,,,, الاحد ,,,,

لم يكلمني الليلة الماضية عن موضوعه ولا انا 
اخبرته تلفونيا 
بأنني ذاهب خارج الرياض (مشوار عمل) لمدينة اخري 
قال لي سأرافقك 
قلت وشغلك 
قال : ماخد اجازة عشان موضوعي 
فرحت جدا 
قطعنا المكالمة علي امل اللقاء
 
,,,, الاثنين ,,,,

تقابلنا عند
(بوفيه سودانية) 
تبيع 
(كبده ابل نيه) 
فطرنا معا
بعده امتطينا السيارة
في الطريق قلت اخبرني عن موضوعك وما حصل فيه
رد : ذهبت الي اهلها وطلبتها منهم
طلبوا مهلة للتفكير ولليلة ستكون حاسمة ولن ارضي فيها غير 
(لا ,,,, او ,,,, نعم)
ادرت 
,, لا : 
بل هو 
من ادار صوت المسجل 
وبحث كعادته عن مصطفي سيد احمد
في مجلد اغاني مصطفي بحث عن 
(رجعلك قليبي المهضلم) 
اظنه بكي وانا ايضا
وغططنا في صمت رهيب 
الا من ازيز مكيف الهواء وصوت مصطفي الممتلئ نقاء
عندما وصل مصطفي للمقطع الذي يقول
(اخير اقول البحرق حشايا اخيرلك افضفض جراب الخبايا)
نظرنا هو و انا الي المسجل 
وكأننا ننظر لمصطفي في عينية ولأصدقكم القول
كلما يغني مصطفي اشعر بأنه يجلس امامي واري تفاصيله 
في كل مقطع صوت وكل هزة عود وكل شهقة حزن
افقنا من نشوة سُكر صوت مصطفي علي حواجز تفتيش
سألنا الشرطي عن اقاماتنا , ورخصة قيادتي , واستمارة السيارة
نظر اليهن والينا 
كأنه رأي مصطفي في اعيننا 
لوهلة ظننته سيسأل عن هوية مصطفي
وليته فعل 
لقد كنت احمل معي ما يزيد من مائة وستون من هويات مصطفي 
من عم عبدالرحيم وعمنا الحاج ود عجبنا و وبين سجن وبيت اشباح 
وقمر الزمان ومريم الأخرى
و يا سلام عليك و من بعد ما عز المزار 
وشوك الشوق وادفقي والبت الحديقة و طوريتك
وطيبة الشجن الاليم وعارفني منك وعباد الشمش و يا ضلنا والدنيا ليل والطيور 
والكثير الكثير
لكنه ارجع لنا هوياتنا وامرنا بالعبور
وصلنا الي وجهتنا ,,,
واكملنا ما جئنا من اجله طوال النهار
والساعات الاولي من الليل

,,,, الثلاثاء ,,,,

الساعة الان 
تشير الي الثانية صباحا من هذا اليوم
ونحن في طريق العودة واللوحة تشير الي 359 كيلو من الرياض 
والظلام الدامس يملي جنبات الطريق وصوت مصطفي لا ينقطع 
ويجعلك تشهق لا شعوريا عند
(شايلاهو وين النيل معاك)
 
كان هو
يعيش في توتر عجيب 
وانفاسه يكاد يلفظها كلما رن الهاتف
واخيرا 
رن جرس هاتفه وكان المتصل 
بل 
كانت المتصلة صاحبة الموضوع
قرب الجوال الي وجهي ويريدني ان اقراء اسم المتصل اصبت برهبة
واصيب هو بهستيريا 
اخبرته ان يرد
ردا والطرف الاخر 
أي هي تبكي بحرقة وهو بداء بحشرجة البكاء 
وخيم علينا الصمت الرهيب ثلاثتنا
مصطفي سيد احمد وهو وانا 
لنستقبل سبب بكاء الطرف الاخر 
(اعمامي رفضوا يا ياسر)
فقط بهذه الكلمات الثلاثة اغتالت (576) ليله من 
الأنات و الآهات و الابتسامات والحب الجميل 
وانهمرت دموعه
وما اصعب دموع الرجال فهي 
مالحة الطعم ,, زجاجية الشكل ,, علقميه النكهة 
لم انبس ببنت شفة وهو ايضا 
بل جلست انظر اليه في بلاهة غريبة
تسللت الي عيني دمعة لا اعرف كيف تسللت لي
بل اعرف هو احساس الصدق والصداقة
وبعد ساعة وثمانية دقائق بالتمام والكمال والصمت الزووم
قال تلك الكلمات
(مصطفي ,, الحزن النبيل)
بحثت عن الاغنية 
لا 
لم ابحث عنها لا نني احفظ مكانها عن ظهر قلب 
وكانت رقم ثلاثة 
في مجلد اغاني مصطفي 
وبداء صوت مصطفي بالظهور
والله كأنه يسمعها لأول مرة 
واحس في هذه اللحظة بأن مصطفي يغنيها له وحده
(اهو نحن في الاخر سوا باعنا الهوي ماشين علي سكة عدم)
لا ادري ما اصابه 
اما عني فوالله 
هذا المقطع يصل بي الي قمة الحزن عندي
لا اتذكر 
سوي انني اوقفت السيارة علي طرف الطريق وترجلت منها 
وذهبت بعيدا 
وصوت مصطفي يلاحقني بلا توقف 
وانا اتوه بلا توقف
واموت بلا توقف 
وهو يبكي بحرقة بلا توقف
بعد مدة ليست بالقصيرة عدنا ادراجنا 
وبصمت رهيب حتي الرياض
اكملنا باقي ليلتنا في النوم بل لم ينم 
في الصباح لم اجده

 
,,,, الاربعاء ,,,,


يوم لم اري مثله من قبل 
من الصباح الكآبه تحفه من كل جانب 
اخبرني تلفونيا بانه سيحضر غدا في عطلة نهاية الاسبوع
هو وصديق مشترك واخر لم التقي به من قبل
سيجتمعوا عندي ونسهر سويا

نفس يوم الاربعاء 


الساعة الواحدة بعد الظهر وحر الرياض يلفح الوجوه

رن جرس تلفوني وكان الطرف الاخر صديقنا المشترك 
انا : ياخ ما عندك موضوع ولو ما بكرة الخميس ما كان اتصلت 
ولولا اجتماعك الصباحي لما اتصلت
(صاح)
اجاب وصوته يمتليء بالدموع  
موسي نحن في المستشفي 
فرغت فاهي وقبل ان انطق بكلمة
رماني بها هكذا
(ياسر مات) 
توقف عقلي عن العمل والتفكير سألته 
ياسر منو
اخبرني موسي عد ادراجك انها مشيئة الله 
انا لله وانا اليه راجعون
خرجت لا ادري كيف وصلت عندهم فوجدت الحزن يخيم علي كل الاصدقاء
والدموع تنهمر بغزارة رهيبة 
وبدات اسال عن السبب 
اخبروني بحادثة سيارة ليموزين ومات السائق ايضا وهو من الجنسية الهندية
ولم يكن السائق بل كان راكبا
يا للقدر
اه من هذا الخطر
الله الله الله
من هذا السفر
رحل ياسر بكل مايحمله من حب 
رحل ياسر بكل اوجاع القلب
رحل ياسر بكل زفرات حري الجب
رحل ياسر الصديق الحبيب رحل الاب
اتسمعني يا سر كل الاسرار
اتسمع صوتي 
ايا صديق كل السنين وايام الاحتضار 
اجبني يا صديقي 
اخبرني يا رفيقي 
لماذا لم تاخذني معك 
لماذا لم تخبرني 
بأنك كغيمة وستختفي 
لماذا لم تنتظرني لنذهب سويا 
لماذا يا سر كل الاخيار 
بأي صوت في اناديك
بأي دمعة في ابكيك 
وكيف سيكون الحال في غيابك 
ياسر كل الاسرار
اتسمعني 
يا رفيقي

لا ازكيه علي الله ولن اقول 
غير ان القلب ليحزن والعين لتدمع 
وانا لفراقك يا سر كل الاسرار لمحزنون

,,,, الخميس ,,,,

الزمان الرابعة والنصف عصرا
المكان مقابر النسيم بالرياض
انا لله وانا اليه راجعون

رحمك الله يا اعز الاصدقاء





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق